
ضمور العضلات الشوكي
ضمور العضلات الشوكي (أو الفقري) أخذ تسميته من إصابة الأعصاب التي تظهر من الحبل الشوكي الموجود في العمود الفقري. يظهر على شكل ضمور لعضلات الأطراف مع ارتخاء شديد في العضلات، ويطلق عليه باللغة الإنجليزية (Spinal Muscular Atrophy) ويختصر بالحروف الأولى لكل كلمة(SMA) مرض إس أم أي. وهذا المرض وراثي ينتقل من جيل إلى آخر كما تنتقل الصفات الوراثية الأخرى.وهذا يعتبر من الأمراض التي تنتقل بالوراثة المتنحية حيث يكون الأبوان حاملين (ناقلين) للمرض واحتمالية أن يصاب طفل آخر هو 25% .
ضمور العضلات الشوكي الأسباب
مرض الضمور العضلي الشوكي ناتج عن خلل(طفرة) في جين يسمى اختصاراً إس إم إن (SMN) والمعلومات المتوفرة في هذا الوقت هي أن هذا الجين ينتج بروتين له دور مهم في الخلايا الأمامية للحبل الشوكي.فعندما يرغب الإنسان مثلا في تحريك تلك العضلة، فإن الخلية الأمامية ترسل إشارة كهربائية عبر ذلك السلك لتحرك العضلة. وعند ضمور الخلايا الأمامية، فإن العضلات لا تستطيع الحركة ومع الوقت تضمر تلقائيا تضمر هذه العضلات أيضاً. وبغض النظر عن الدور الحقيقي للبروتين المنتج من جين إس أم إن فإن هذا البروتين مهم في استمرار الخلية الأمامية في أداء دورها.
ومع أن ضمور الخلايا الأمامية متواصل فالمصابين بالمرض فان العبء عليها أيضاً يزداد مع نمو الجسم وزيادة العضلات وحاجة الجسم للحركة.
أنواع المرض
هناك أنواع عدة لهذا المرض. ولكن من أشهر تقسيماته هو تقسيمه حسب شدة الإصابة إلى ثلاثة أنواع نوع شديد ومتوسط وخفيف ويضاف إليها نوع رابع يسمى نوع الكبار.النوع الأول(شديد)
وهذا النوع يسمى أيضاً مرض ويردنيج ـــ هوفمان Werdnig ـــ Hoffmann Disease. حيث إن الطبيبين هما أول من أشار إلى وجود هذا المرض وسمي المرض باسمهم.وتظهر الأعراض في العادة خلال الأشهر الستة الأولى من العمر مع أن غالبيّة للحالات تظهر العلامات قبل 3 أشهر من العمر. كما قد تلاحظ الأم خلال الحمل قله حركة الجنين في بطنها خاصة في الأشهر الأخيرة من للحمل.
والطفل المصاب بهذا النوع يعتمد اعتماد كلي على الغير فهو غير قادر على رفع رأسه ولا على الجلوس. كما قد تضعف عضلات البلع والمص فتظهر مشاكل في التغذية والبلع وتكثر عمليات دخول الطعام إلى القصبة الهوائية عن الرضاعة، ويصعب عليه حتى التحكم في بلع الريق والإفرازات المخاطية المتراكمة في الحلق.
ويظهر لديه ضعف عام بعضلات ويبدو الصدر غائر وضيق من أعلى. كما يبذل مجهود كبير للتنفس بسبب ضعف وارتخاء عضلات القفص الصدري.
النوع الثاني (متوسط)
يشخص المصابون بهذا النوع من الضمور بعد سن سبعة أشهر وخلال الثمانية عشر شهراً الأولى. وتقريباً دائما قبل إتمام السنة الثانية من العمر. مع أن الغالبية قبل الشهر الخامس عشر.قد يستطيع الطفل المصاب بهذا النوع من الجلوس من دون وضع ساند لهم.مع أنهم في الغالب يحتاجون من يحركهم لوضعية الجلوس عندما يكونون مستلقين. وقد يستطيع المصاب في مرحلة متأخرة من الوقوف ولكن بمساعدة الأجهزة المساعدة والمساندة.
وفي الغالب فإن المصاب بهذا النوع لا يواجه مشاكل في التغذية ولكن قد يصعب عليه تناول كمية كافية من الغذاء عن طريق الفم نتيجة لضعف المضغ والبلع. ولذلك قد يحتاجون لتناول المزيد من الطعام والغذاء عبر أنبوب في الأنف أو عن طريق البط مباشرة إلى المعدة خاصة إذا كان هناك خوف من دخول الطعام إلى الجهاز التنفسي.
كما يعاني المصاب بهذا النوع بضعف في عضلات التنفس وأن كان يستطيع أن يتنفس بشكل جيد وكاف إلى أن قدرته على المحافظة على مستوى كاف من الأكسجين في الدم خلال النوم صعب بعض الشيء وقد يحتاج الشخص إلى اسطوانة أكسجين كمساعدة.
كما تظهر الاهتزازات المميزة لمرض ضمور العضلات الشوكي في اللسان في هذا النوع أيضا. ومن الشائع أيضاً حدوث انحناء وتقوس في العمود الفقري قد يستدعي إجراء عملية جراحية مع هشاشة عامة في العظام. ومع نمو الجسم يزداد الضغط على الخلايا العصبية ولذلك قد تدهور صحة المريض مع الوقت وقد تثبت حالته لمدة طويلة.
النوع الثالث (خفيف)
يطلق على هذا النوع أيضاً مرض كوجل بيرق ـــ فليندر (Kugelberg ـــ Welander).مع أن الأعراض في العادة تبدأ بالظهور خلال الثلاث السنوات الأولى تبدأ الأعراض عادة في الأيدي, الأقدام واللّسان وانتشرت إلى المناطق الأخرى للجسم يستطيع المريض الوقوف والمشي وممارسة حياته الطبيعية ومع عدم تأخر في النمو أو اكتساب المهارات الأساسية.
وتظهر الأعراض بالتدريج وبشكل بطيء كما أنها من النادر أن تصيب عضلات الفم المتعلقة بالبلع وتنسيق التنفس. ومن الأشياء الأساسية والمميزة لمرض ضمور العضلات الشوكي بكل أنواعه (الأول والثاني والثالث والرابع) هو سلامة الحواس الأخرى وسلامة العقل والإدراك والتفكير.
التشخيص
يفحص الأطباء المرض حسب الأعراض الخارجية للمرض وتسلسل تاريخ المرض. ومن أهم الأعراض هي ارتخاء وضعف العضلات واهتزاز اللسان.وفي السابق كان الأطباء يعتمدون على عينة العضلات لتشخيص النهائي للمرض ولكن ومع توفر التحليل الجيني (تحليل SMN gene) قل بشكل كبير إجراء هذا التحليل ويجرى في المراكز التي لا يتوفر فيها هذا التحليل أو في الحالات التي ظهرت فيها نتائج التحليل سليمة بينما الأطباء لديهم قناعة في الإصابة بهذا المرض.
وعند إجراء الفحص الجيني فإن أكثر من 95% (بالضبط 95 ـــ 98%) من المصابين بمرض ضمور العضلات الشوكي لديهم نقص في كلا نسختي جين إس أم إن رقم واحد والتي جاءت من الأب والأم.
ولذلك فان المختبرات عند فحصها لجين أم إس إن رقم واحد تفحص اكسون 7 و8.
ولا يعتمد على تحليل »نقص « الجين ولا حتى تسلسل الدي إن أي للكشف على الشخص غير المصاب لمعرفة إذا ما كان »حامل« للمرض أم لا بل يحتاج الأمر إلى طريقة أخرى تعرف (SMN gene dosage analysis) والتي تعتمد على البي سي ار (PCR ـــ based dosage assay). أو تستخدم طريقة الترابط (Linkage analysis).
الجين المسبب
لكي تتمكن من متابعة شرحنا ننصحك أولا بالإطلاع على هذه الصفحة لمعرفة المعلومات الأساسية عن الخلية والنواة والكروموسومات والجينات والبروتينات بشكل سريع. ثم تكمل قراءة الموضوع.فالجين عبارة عن مقطع في تسلسل الدي إن أي. والجين(و يسمى باللغة العربية المورث) يتكون من عدة أجزاء ولكن أهم جزئيين هما الأكسونات (الأجزاء المهمّة من الجين الذي ينتج البروتين) والأنترونات (جزء الحشو بين الأكسونات). وعند طلب الخلية من النواة إنتاج بروتين معين فإن جهاز النواة تقوم بإصدار الأوامر أولا بالقيام بنسخ الجين المراد إنتاج البروتين منه. والجين هو DNA وتسمى النسخة المنتجة RNA، وهو إلى حد كبير شبيه DNA ما عدى بعض الاختلاف الكيميائي.
يحتوي RNA في البداية من الأكزونات والأنترونات كما هو الحال في DNA. ولكن تقوم النوة بقص الأنترونات من بين الأكسونات ويتم التخلص منها ومن ثم ربط الأكزونات بعضها ببعض فتصبح قطعة متحدة من الأكسونات تسمى RNA أي الناضج.بعدها ينتقل RNA إلى خارج النواة ويذهب إلى مصنع إنتاج البروتينات(المسمى بالريبوزومات) فيتم قراءة الشفرة المكتوبة على RNA وينتج بروتين خاص ومطابق لهذه الشفرة.
يوجد في النواة وداخل الكروموزومات عدد يتجاوز الثلاثون ألف من الجينات.
وأخرى من أمه) وكل كروموسوم عليه نسخة من كل جين.
وفي كروموسوم 5 (و لنقل التي مصدرها الأب) وعلى الذراع الطويلة بالتحديد يقع جينين متجاورين أحدهم يسمى بإس أم إن رقم واحد(SMN1) والثاني يسمى بإس أم إن رقم اثنين(SMN2) وبالطبع يوجد نسختين أخريين من الجينين في النسخة الأخرى من كروموسوم 5 والتي مصدرها الأم.
يتكون (SMN1) و(SMN2) من 9 اكسونات (Exons).
وعند إصابة كلا النسختين من جين رقم واحد بنقص أو عطب(طفرة) فإن الشخص يصاب بمرض ضمور العضلات الشوكي. هذه هي الحالة المعتادة ولكن وجدت فروقات نادرة الحدوث بين الناس في عدد جينات رقم 1 ورقم 2 هذا الاختلاف في العدد »عقد« أمر الفحوصات للتأكد من إصابة بعض الأشخاص بالمرض وبالكشف على الأشخاص الذين يرغبون أن يعرفوا إذا ما كانوا حاملين للمرض أم لا!.
كما اتضح أيضاً أن عدد جينات رقم 2 تحدد شدة الإصابة. فمثلاً وجد أن 90% من الأشخاص المصابين بالنوع الخفيف (النوع الثالث) لديهم ثلاث أو أربع نسخ من الجين رقم 2 بدل من نسختان مع حدوث نقص في كلا نسختي جين رقم واحد.بينما 95% من المصابين بالنوع الأول(الشديد) وجد لديهم نسختان أو واحدة فقط من جين رقم 2 مع حدوث نقص في كلا نسختي جين رقم 1.
ولذلك يبدوا أن الجين رقم 2 ليس مهم إذا كان الجين رقم 1 سليم. ولكنه يصبح مهم جدا إذا كان الجين رقم 1 لا يعمل أو معطوب. ولذلك فإن الأبحاث الحالية تفكر في طرق استحثاث إنتاج كميات من البروتين من الجين رقم 2 عن طريق الأدوية لكي تغطي النقص الحاصل من عطب الجين رقم 1.
وقد اعتمد كثير من المختبرات على فحص وجود الاكسون رقم 7 للجين رقم 1 ورقم 2 في تشخيص »المصابين بمرض ضمور العضلات الشوكي. فإذا لم يجدوا اكسون 7 من جين رقم واحد شخصوا هذا المرض (كما في الشك أدناه) وإذا وجدوه توقفوا وقالوا إن التحليل الذي أجروه » لا ينفي ولا يؤكد الإصابة« ويحتاج الأمر إلى فحوصات أخرى تتعلق بالكشف على تسلسل الجين ومعرفة عدد الجينات في رقم واحد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق